لتعزيز سبل مكافحته.. الحكومة البريطانية تقدم تعريفاً جديداً للتطرف
لتعزيز سبل مكافحته.. الحكومة البريطانية تقدم تعريفاً جديداً للتطرف
قدمت الحكومة البريطانية، اليوم الخميس، تعريفا أكثر صرامة للتطرف يهدف إلى مكافحة ما وصفه رئيس الوزراء ريشي سوناك بأنه "سم" للديمقراطية، بينما حذر زعماء الكنيسة من أنه قد يؤثر بشكل غير متناسب على المسلمين.
ويأتي التعريف الجديد للتطرف، بعد أن حذر رئيس الوزراء ريشي سوناك خلال الشهر الجاري من "زيادة مروعة في الاضطرابات المتطرفة والإجرام" تهدد البلاد بالانتقال إلى "حكم الغوغاء"، وفق وكالة فرانس برس.
وجاءت تصريحات رئيس الوزراء في خطاب موجه إلى الأمة ألقاه في مقر الحكومة البريطانية بعد احتجاجات مستمرة مؤيدة للفلسطينيين في لندن.
وشهدت المسيرات الاحتجاجية على الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم السابع من أكتوبر الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل، اعتقال عشرات المتظاهرين بسبب هتافات ولافتات معادية للسامية والترويج لمنظمة محظورة والاعتداء على عناصر في أجهزة الطوارئ.
وكانت لندن تعرّف التطرف بأنه "معارضة صريحة أو فعلية لقيمنا الأساسية" مثل "الاحترام المتبادل والتسامح".
وأصبح التطرف بحسب التعريف الجديد، "الترويج لأيديولوجيا قائمة على العنف أو الكراهية أو عدم التسامح، أو نشرها".
ويمكن اعتبار مجموعات أو أفرادا متطرفين إذا استخدموا هذه الأيديولوجيا "لإبطال أو تدمير الحقوق والحريات الأساسية للآخرين أو لتقويض أو قلب أو استبدال نظام المملكة المتحدة للديمقراطية البرلمانية الليبرالية والحقوق الديمقراطية".
وسيعتبر متطرفا أيضا من "يوجد عمدا بيئة متساهلة للآخرين لتحقيق" الهدفين الأولين.
وأوضحت الحكومة في بيان لها، أن هذا "التعريف الجديد أضيق وأكثر دقة" من التعريف السابق الذي يعود تاريخه إلى 2011، وينطبق على الأنشطة الحكومية من دون "أي تأثير على قانون العقوبات الحالي".
وأضافت أنه يؤمّن "سقفا عاليا لا يغطي سوى الأنشطة الأكثر إثارة للقلق"، مؤكدة أن "الأمر لا يتعلق بإسكات من لديهم معتقدات خاصة وسلمية".
ملف مثير للجدل
وأعلن الوزير المكلف هذا الملف المثير للجدل، مايكل غوف، أن "الانتشار الشامل للأيديولوجيات المتطرفة يضهر أكثر فأكثر بعد هجمات 7 أكتوبر ويشكل خطرا حقيقيا على أمن مواطنينا وديمقراطيتنا".
وأضاف غوف، أن التعريف الجديد سيضمن أن الحكومة "لا توفر عن غير قصد منصة للذين يسعون إلى تقويض الديمقراطية وحرمان الآخرين من الحقوق الأساسية".
وأكد أن بريطانيا أصبحت أقوى بسبب تنوعها "لكن ديمقراطيتنا وقيمنا المتمثلة في الشمولية والتسامح تواجه تحديا من المتطرفين"، مؤكدا أنه "من أجل حماية قيمنا الديمقراطية، من المهم تعزيز ما هو مشترك بيننا وأن نكون واضحين ودقيقين في تحديد المخاطر التي يشكلها التطرف".
وقالت صحيفة "بايلان تايمز" إن عددا من المجموعات الإسلامية البارزة ومنظمات يمينية متطرفة ورد ذكرها في مسودة للنص تم تسريبها واطلعت عليها الصحيفة.
وواجه حزب المحافظين الحاكم الذي يتزعمه سوناك اتهامات بمعاداة الإسلام في الأسابيع الأخيرة بعدما اتهم نائب سابق رئيس بلدية لندن صادق خان بالارتباط بإسلاميين.
واضطر رئيس الوزراء هذا الأسبوع أيضًا إلى الاعتذار عن تعليقات عنصرية وردت بشأن نائب بريطاني أسود من قبل أحد أكبر المانحين للحزب.
في الوقت نفسه، حذر كبير أساقفة كانتربري جاستن ويلبي رئيس الطائفة الأنغليكانية العالمية، من أن التعريف الجديد للتطرف قد يسبب انقساما.
استهداف المجتمعات المسلمة
وقال ويلبي ونائبه كبير أساقفة يورك ستيفن كوتريل، في بيان مشترك، الثلاثاء، إن التعريف الجديد "قد يستهدف بشكل غير متناسب المجتمعات المسلمة التي تعاني أصلا من مستويات متزايدة من الكراهية وسوء المعاملة".
وتحدث ويلبي لإذاعة "بي بي سي" الأربعاء عن خطر "إفراغ المركز ودفع الناس إلى هذا التطرف أو ذاك"، معتبرا ذلك أمرا "خطيرا للغاية".
وانتقد ويلبي وهو عضو في مجلس اللوردات، الحكومة بسبب خطتها لإرسال طالبي اللجوء من المملكة المتحدة إلى رواندا.
وتؤكد الحكومة أن هذا النص "لا يوجِد صلاحيات جديدة" بل يفترض أن يساعد الحكومة على "التعرف بشكل أفضل على المنظمات والأفراد والسلوك المتطرف".
عمليا يفترض أن يؤدي هذا النص إلى إتاحة إدراج منظمات على لائحة سوداء وحرمانها من الأموال العامة.
ومنذ السابع من أكتوبر، سجلت منظمتان متخصصتان هما "سيكيوريتي كوميونيتي تراست" (Security Community Trust) و"تيل ماما" (Tell Mama) زيادة نسبتها 147 بالمئة على العام السابق، وزيادة بنسبة 335 بالمئة في الأعمال المعادية للإسلام في أربعة أشهر مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.